بعد "قمة مكة".. هل لا تزال السعودية بحاجة لهادي
2019/06/02
الساعة 09:16 مساءاً
(الامناء نت )
غمدان نيوز متابعات ..
..
حضر الرئيس اليمني الانتقالي عبدربه منصور هادي، "قمة مكة" كأن لم يحضر"، فلم يسجل أي حضور له، وكلمته الخطابية التي كان قد أعدها مكتبه، ألغيت من برنامج "حديث الزعماء والملوك في قمة مكة الاستثنائية" والتي خصصت لمناقشة التهديدات الإيرانية للمنطقة.
على الرغم من أن اليمن، يعد محور الصراع الدائر بين ايران ودول الاقليم، حيث تدور حربا شرسة بين الحوثيين "حلفاء ايران" والحكومة اليمنية التي يتزعمها الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي، الذي فضل الإقامة في الرياض، الا ان تجاهله في قمة مكة الاستثنائية، اثار حالة من الجدل حول "لماذا لم تسمح السعودية التي ترأست القمة، ان يلقي هادي خطابا اسوة ببقية زعماء العرب".
أجمع سياسيون ومحللون كثر على أن "السعودية قدمت رسالة إلى الرئيس اليمني عبدربه هادي، بأنها لم تعد في حاجته، فالاستقبال للرئيس كان باهتا، وتعامل معه الملك سلمان بمثل ما تعامل مع الوفد القطري".
تقرير: "حكومة هادي".. خفايا مناهضة علنية للتحالف بعدن
يقول المحلل السياسي صلاح السقلدي، إن هادي منح من القاء كلمته في قمة مكة.. موضحا " منع الرئيس هادي من إلقاء كلمته التي كان من المنتظر أن يلقيها بقمة مكة- فضلاً عن وضعه في اقصى الصورة وفتور الاحتفاء بوصوله قاعة اللقاء- والسماح لدول أقل أهمية بالنسبة للسعودية والخليج عموما كموريتانيا بالحديث، يشير الى اضمحلال أهمية الرئيس هادي وخفوت نجمه بالأجندة السعودية برغم تعثر حربها باليمن وحاجتها لرمزيته -في المدى المنظور على الأقل-".
وفسر السقلدي ذلك "بأن هي بداية النهاية لإزاحة الرجُــل (هادي) من المشهد أو تحجم دوره في أحسن حال -وهو الدور المحجّــم أصلاً-، في وقت حرصت فيه الرياض أن يكون رئيس البرلمان اليمني الصاعد حديثا الى الواجهة " سلطان البركاني" مرافقا لهادي بهذه القمة، في دلالة سياسية لا تخطئها عين".
وعبر سياسيون ودبلوماسيون يمنيون عن استغرابهم من عدم الإشارة الى اليمن في بيان قمة دول مجلس التعاون الخليجي، حيث قال الدبلوماسي اليمني وسفير حكومة هادي لدى بريطانيا ياسين سعيد نعمان " فتشت عن اليمن في بيان قمة دول مجلس التعاون الخليجي الاخيرة فلم أجده، غاب تماماً".
وتساءل نعمان في تصريح صحفي –اطلعت عليه اليوم الثامن –"هل يعقل أن يغيب اليمن عن بيان تجمع عربي شقيق هو الأقرب، وهو الذي اذا اشتكى اليمن، كما قالوا لنا، تداعى له أهل هذا التجمع بالسهر والحمى بتلك الصورة التي لا نستطيع أن نبررها لأنفسنا ولا للعالم".
إرهاب يستهدف السعودية.. الحوثي في خدمة ملالي طهران
وقال نعمان "كان يكفي أن يقول البيان إن هناك قضية في اليمن يجب أن تحل على أسس تحقق له السلام وللمنطقة الامن والاستقرار".
وخاطب نعمان السعودية بالقول "أهلنا في الخليج العربي، هناك مثل عربي قديم يقول في الصيف ضيعت اللبن".
السعودية غير راضية عن أداء حكومة هادي، مسألة باتت واضحة منذ وقت مبكر، لكن لماذا تواصل السعودية دعم الحلفاء في مارب، او بالأحرى لماذا تواصل دعم قوات لا تقاتل الحوثيين بجدية.
أسئلة كثيرة يطرحها يمنيون، لكن ربما الإجابة الأقرب ان "قوات مأرب تتحكم فيها قطر، التي دخلت في تحالفات واضحة مع إيران الراعي الرسمي للحوثيين في اليمن.
صحيفة إيرانية: اجتياح الحوثيين لجنوب اليمن هدف استراتيجي
حاولت السعودية التعبير عن رفضها لأداء الحكومة الشرعية، لكن على استحياء، فالجميع يشيد بجهود نائب الرئيس اليمني، لكن ربما ان الانقسام في السعودية بوجود تيار داعم قوي للإخوان، حال دون ممارسة أي ضغوط على الشرعية للتحرك صوب الحوثيين، قبل ان يخرج إخوان اليمن بتصريحات أعلنوا فيها دعمهم للحوثيين الموالين لإيران.
ومما يعزز ذلك، هي تصريحات مسؤولين في الرئاسة اليمنية من بينهم وكيل وزارة الإعلام مختار الرحبي الذي أشاد بتقدم الحوثيين في الضالع على حساب القوات الجنوبية، وتصريحات مسربة لموالين للحكومة اليمنية دعوا فيها الى فرض استراتيجية "دق الضالع ويافع" لتحقيق دولة الأقاليم في الجنوب، قبل ان يخرج أصحاب تلك التصريح للتأكيد انها كانت مزحة، لكن موقف الحكومة اللاحق من هذه الانتصارات عزز صحة الاتهامات الجنوبيين للإخوان بدعم الحوثيين.
خيارات حكومة هادي في مواجهة "ورطة" غريفيث بالحديدة
ويقول جنوبيون ان مسؤولين في الحكومة الشرعية يقيمون في الرياض "اتخذوا من السعودية ساحة لمهاجمة القوات الجنوبية التي تقاتل الحوثيين، وسط صمت من السلطات السعودية حيال ذلك.
لكن هناك تصريحات سعودية عبرت عن رفضها لدور الإخوان التخريبي والداعم للحوثيين، حيث خرج ساسة سعوديون للحديث عن موقف الرياض من حكومة هادي منذ وقت مبكر، للتعبير عن عدم الرضى من الدور العسكري والدبلوماسي والسياسي الذي تقوم به الشرعية، لكن دون أي جدوى، فهادي المقيم في الرياض، باتت توجيهات تقابل بالرفض في المناطق الخاضعة لسيطرة الإخوان ومنها مأرب وسيئون وتعز، والأخيرة أصبحت الأجزاء المحررة فيها بقبضة الإخوان وتدار من قبل نائب الرئيس علي محسن الأحمر، في حين ان هادي لا يستطيع تحريك كتيبة عسكرية في مأرب او سيئون، وأصبح مجرد من ممارسة سلطاته في مناطق نفوذ الإخوان.
تقرير: ما هي خيارات السعودية البديلة في حرب اليمن؟
فكرت السعودية في استراتيجية، للخروج من الأزمة، فالإخوان المتحالفون مع الدوحة، لا يمكن الوقوف بتحالفهم، بل انهم مع الأزمة مع قطر انحازوا بشكل كلي بل انهم يخوضون حربا إعلامية ضد السعودية، أعلنوا ان هدفها اسقاط نظام الحكم، وفقا لما أوردته القيادية الإخوانية توكل كرمان.
دفعت السعودية نحو إعادة احياء البرلمان اليمني، واوكلت رئاسة الى اتباع الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، فإزاحة الرئيس هادي من المشهد او تحجيم دوره وصلاحياته باتت تسير بخطى متسارعة، فسلطان البركاني رئيس البرلمان اليمني بات الحليف الأبرز والقادم للسعودية، تبعه خطوات إزاحة الإخوان من المناصب السيادية ومنها البنك المركزي الذي أصبح تحت إدارة المؤتمر حافظ معياد، والذي قام بإجراءات قوية من بينها نقل بنك التعاوني الزراعي من صنعاء الى عدن، وحرمان الحوثيين من التحويلات المالية، قبل ان يتجه إلى مأرب والزام حاكمها سلطان العرادة بتوريد أموال البنك المركزي في المحافظة الى مركزي عدن، في اجراء من شأنه إعادة ضبط الأوضاع الاقتصادية والمالية.
تحجيم هادي أو عزله، تم منذ نحو عامين، بعد سيطرة الإخوان على الرئاسة، لكن السعودية تقوم بأجراء مماثل يهدف في الأساس الى تجريد الإخوان من السلطة التي كانوا يديرونها باسم "هادي".
لكن الإخوان ارتكبوا خطاء كبيرا حين دفعوا الرئيس هادي الى مواجهة المجتمع الدولي، باعتراض على مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لدى اليمن السيد مارتن جريفيث، وهو الاعتراض الذي قوبل باستخفاف وسخرية من الأمم المتحدة.
تقرير: "حكومة هادي".. خفايا مناهضة علنية للتحالف بعدن
وبدلا من مواجهة الحوثيين، ذهبت الاخوان باسم الشرعية الى اتخاذ مواقف مناهضة لبريطانيا وطالبوا بطرد سفيرها لدى اليمن، وهو ما عقد المشهد، وشعرت السعودية بأن هناك اطراف في الشرعية تتجه نحو ارباك المشهد وافشال التحالف العربي، لتلعب بورقة تبدو أخيرة والمتمثل في عزل هادي وتحجيم دوره وايكال المهمة لقادة من حزب المؤتمر الشعبي العام لمواصلة معركة تحرير الشمال اليمني من الحوثيين.
حاول هادي مواجهة الموقف السعودي المبكر بتصريحات اطلقها نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية احمد الميسري الذي اتهم الرياض بالسعي لاحتلال المهرة، وقال ان التحالف العربي بقيادة السعودية مهمته الرئيسية الزحف صوب الحوثيين شمالا وليس شرقا، في إشارة الى التواجد السعودي في المهرة.
لكن يبدو ان السعودية واجهت الابتزاز اليمني بخيار إزاحة هادي او التلويح بذلك، لمنع أساليب الابتزاز التي قد يمارسها مسؤولو الحكومة اليمنية.
وبين مواجهة المجتمع الدولي والإجراءات السعودية، يفقد هادي الحكم رويدا رويدا، في ظل إصراره على مواجهة القوى الجنوبية ومحاربتها باسم دولة الأقاليم الستة، في حين ان المؤشرات تؤكد ان هادي اقترب على توديع كرسي الحكم في ظل رغبة سعودية على الخروج من المأزق اليمني بحلول أو رمي الملف برمته على المجتمعين الإقليمي والدولي لمواجهة الاطماع التوسعية الإيرانية