شهيد القرآن
الساعة 08:44 مساءاً

لستم أقوياء، أنتم خائفون، مذعورون، مسكونون بالرعب، عصابة آثمة منكرة تعاني قلق اللامشروعية، وتحاول إثبات وجودها وإخراس مخاوفها بقوة السلاح. لا تستطيعون التصرف إلا كقتلة وبلاطجة ومسوخ.

تعرفون قدركم جيدًا، وتدركون أن اليمن أكبر منكم، وأنكم مجرد قذارة. لكم أن تخافوا، فالسماء تلعنكم، والأرض تمقتكم، والكل يرفضكم، ويرنو إليكم كلطخة قذفتها الخيانات إلى الواجهة.

هذا الرفض الاجتماعي المتعاظم يهزمكم في الصميم، هذا الكبرياء الأعزل المقاوم يشعركم بالضآلة والتقزُّم، يخيفكم حد الفزع. ليس بمقدوركم حكم الناس بالعنف والعنجهية والصلف والتهديد والإرهاب. لا سلطة تُؤسَّس على البطش.

آل حنتوس بيت قرآن، تعرفهم ريمة وصنعاء ومدائن اليمن وقراها، سيرة ارتبطت بسور الكتاب الكريم. علموا وربوا أجيالًا من الحفّاظ. 

كان الشيخ السبعيني في مسجده وداره وفي قريته، يعيش ما تبقى في وقار، يحتضن مصحفًا عاش به وله، هناك في معتزله الأخير، بعيدًا عن الصخب، بين مسجده وداره وطلابه، جوار زوجته وأم مسنّة وأولاد أخيه. كل ذنبه أنه رفض منطق الإذلال والإهانة، رفض أن يُؤخذ بالوشاية، وأن يُنال بالدس والوقيعة. 

وكيل المحافظة، عضو المؤتمر الشعبي العام، أرسل لسيده المحافظ على طريقة الخدم وعبيد العبيد، مؤلّبًا على الشيخ وأولاد أخيه، متهمًا إياهم بقائمة التهم الجاهزة ذاتها عند إرادة النيل من أحد وُجهائهم.

الهجمة الضارية والاستعراض الهمجي لسلطة القسر والإكراه، استدعت كل مخزون الأنفة والحمية والغضب لدى الشيخ معلم القرآن، ولم يكن أمامه إلا أن يواجه، وأن يختار ميتته الباسلة، كما اختارها من قبل الشهيد المكحل وأحرار حنكة آل مسعود وكل الأباة على درب الخلاص.

معركة خاسرة بالنسبة له، غير متكافئة بحساب العدد والعدة، لكنه يكسبها في ميزان الحق والحقيقة والمبدأ والقيمة. هو القوي هنا والمنتصر، والخزي والعار لسلالة المقت ونبت الخطيئة ومسيرة الشيطان.

هي رسالة ترويع لريمة يجعلها الشيخ صالح، شهيد القرآن، درسًا في الحرية والإباء والكرامة، درسًا في الشجاعة والإقدام، دعوة لرفض الخنوع والخضوع، آية في المواجهة تتأجج في الصدور.

نحن ننتمي لهذه الروح المحتدمة، ونوقن أن خساراتنا في الطريق مكاسب، وأن بلادنا أكثر تعافيًا مما نظن، وأن رجال اليمن ونسوتها وبنيها براكين غضب لا تعرف الخمود.

عليك الرحمة، ولك مجد الشهادة والخلود، ولنا مع عدانا ثأرات وميعاد خلاص ووعد قصاص.