لماذا تحوز برامج هابطه مثل برنامج الكاميرا الخفية "رامز"، والمقابلات الشخصية الساذجة مع النجوم، وبرامج تلفزيون الواقع الفضائحية على أعلى نسب المشاهدة؟
الأمر معقد كتعقيد الشخصية الانسانية.
من وجهة نظر الدراسات الاعلامية والنفسية تتعمد المؤسسات الإعلامية صناعة بعض البرامج السيئة لأنها تجذب جمهورا أوسع ضمن ثلاثة فئات:
** الفئة الأولى "المستمتعون مع وجود إحساس بالذنب" guilty pleasure . وهذه الفئة تفضل البرامج ذات المضمون الراقي لكنها تجد نفسها مشدودة دون وعي أحيانا إلى مشاهدة البرامج الهابطة كنوع من التغيير والهروب .
** الفئة الثانية هم "المشاهدون الساخرون" ironic viewers الذين يشاهدونها للسخرية من مستواها ومن مضمونها وأخطائها. وكلما كان البرنامج أسوأ ارتفع مستوى متعتهم لأنهم سيسخرون أكثر.
أيضا يعطيهم مشاهدة البرامج منخفضة المستوى إحساسا جيدا أنهم أفضل من الأشخاص السيئين في تلك البرامج (كثير من مشاهدي برامج رامز الهابطة من هذه النوعية).
هذا الأمر شبيه بالرغبة في مشاهدة فيديوهات الفضائح تحت دافع الفضول ودافع الإحساس أننا أفضل من الأشخاص السيئين الذين تم تصويرهم متلبسين.
** الفئة الثالثة هي التي تفضل برامج الذوق السيء والمستوى المنخفض camp sensibility. وهي ترى أن البرنامج الجيد هو البرنامج البسيط المليء بالاثارة وبدون مضمون ووجع دماغ. وهذه الفئة محورية في جذب الفئتين الأولى والثانية إلى مشاهدة المزيد من المضامين الهابطة.
وكلما توسعت أعداد هذه الفئة تشجع المنتجون على بث برامج أشد هبوطا من سابقاتها. (لهذا كانت برامج رامز تنحو لان تكون أكثر هبوطا وأشد اذلالا للضيوف سنة بعد أخرى)
المضمون السطحي والسيء يجذب أكثر لانه يلبي رغبات مختلفة لفئات مختلفة من المشاهدين.
لكن التفسيرات الثلاث رغم وجاهتها تلغي باللائمة على الجمهور وتتجاهل عاملا آخر هو المنتجون الذين زرعوا وروجوا لجاذبية المضمون السيء عبر سنوات من تخفيض مستوى المضمون وتسطيحه وتركيز ساعات عرضه (سعيا وراء عائدات الإعلان)لتتراجع ذائقة الجمهور تحت هذا القصف المكثف والممنهج من المضمون رخيص التكفلة وعالي المردود.