
يشارك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم، في القمة العربية الإسلامية الاستثنائية التي تُعقد في الدوحة، لبحث العدوان الإسرائيلي على دولة قطر.
في مشهد سياسي لافت يجمع بين الحدث الرسمي والرسالة غير الرسمية، يشارك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم في القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المنعقدة في الدوحة، بينما تُطلّ جماعة الإخوان المسلمين برسالة مُصاغة بلغة جديدة — هادئة، مُهذبة، وتفتقد تماماً للنبرة العدائية التي اعتادتها المنطقة على مدى سنوات.
القمة، التي دعت إليها قطر رداً على الهجوم الإسرائيلي الأخير على أهداف داخل أراضيها — والذي استهدف قيادات من حركة حماس — تهدف إلى صياغة موقف عربي وإسلامي موحّد ضد ما وُصف بـ"انتهاك السيادة القطرية". وفي هذا السياق، يُلقي السيسي كلمة تُبرز الرؤية المصرية تجاه الأزمة، مع التأكيد على ثوابت السياسة الخارجية المصرية الداعمة للأمن والاستقرار الإقليمي. كما يُنتظر أن يعقد الرئيس لقاءات ثنائية مع عدد من القادة لتعزيز التنسيق والتعاون في مواجهة التحديات المشتركة.
لكن في موازاة التحضيرات الرسمية، برزت رسالة مفاجئة من صلاح عبد الحق، القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، وجّهها إلى القمة، دعا فيها إلى "توحيد الصف" و"بناء معادلة ردع" ضد "الغطرسة الإسرائيلية"، مستخدماً لغة تشبه إلى حد كبير خطابات وزراء الخارجية، لا خطابات التنظيمات السياسية المعارضة.
لماذا تغيّرت نبرة الإخوان؟
يرى خبير الأمن القومي المصري محمد مخلوف أن البيان الجديد يحمل ملامح "إعادة تغليف" تكتيكية:
"للمرة الأولى، لم نقرأ تهديدًا، ولا شعارات، ولا استعلاءً. بل كلمات مثل اللحظة التاريخية، توحيد الصف، والوفاق. كأن الجماعة تحاول أن تعيد تقديم نفسها كجزء من الإجماع العربي، لا كتنظيم خارج على النظام."
والأكثر لفتاً، كما يشير مخلوف، هو غياب أي ذكر لحركة حماس — لا كضحية، ولا كمقاوم، ولا حتى كطرف في الصراع. فلم تُستخدم كلمة "مقاومة" أصلاً، بل استُبدلت بعبارات محايدة مثل "إغاثة أهل غزة" و"وقف العدوان".
ولفهم هذا التحوّل، يقول مخلوف إنه تواصل مع اللواء عادل عزب، مدير مكافحة النشاط المتطرف الأسبق بقطاع الأمن الوطني المصري، الذي فسّر الأمر بأنه تكتيك مقصود:
"الإخوان يدركون أن الربط المباشر بحماس يُثير حساسيات لدى بعض الدول، خاصة مع تغيّر خريطة التحالفات الإقليمية. لذلك، يسعون الآن إلى فصل أنفسهم عنها مؤقتاً، وإعادة تشكيل صورتهم كتنظيم 'جامع' يتحدث باسم الأمة، وليس كذراع لفصيل مسلح."
لكن عزب يُحذر:
"هذا ليس تحوّلاً في العقيدة، ولا اعترافاً بالأخطاء. بل هو محاولة لالتقاط الأنفاس، بعد أن فقدت الجماعة كثيراً من أوراقها، وصارت في عزلة متزايدة. إنها لعبة تكيّف، لا تغيير."
من "المولوتوف" إلى "المناشدات".. لعبة تغيير الأقنة
يختتم مخلوف ملاحظاته بسخرية لاذعة:
"الإخوان يملكون قدرة إعجازية على تغيير جلدهم أسرع من تغيير ربطة العنق! بالأمس كانوا يُغلقون السفارة المصرية بالأقفال، ويُحرّضون على الدول العربية، ويُشوهون كل ما هو رسمي. واليوم، فجأة، يظهرون كحملان وديعة تناشد الأشقاء العرب أن يقفوا 'وقفة رجل واحد'!"
ويضيف:"الحقيقة؟ لا يحتاج الإخوان إلى مراجعة فكرية... بل إلى وكالة تسويق عالمية تسجّل براءة اختراع في 'فن تبديل الأقنعة'!"
وانطلقت أمس الأحد أعمال الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية العرب والمسلمين في الدوحة، تمهيداً للقمة الطارئة التي تستمر يومين. وجاءت الدعوة رداً على الهجوم الإسرائيلي في 9 سبتمبر، الذي استهدف مقرات سكنية لقيادات من حماس داخل الأراضي القطرية — وهو ما اعتبرته الدوحة والمجتمع الدولي انتهاكاً صارخاً للسيادة القطرية، خاصة أن قطر تلعب دور الوسيط بين إسرائيل وحماس، بالتعاون مع مصر والولايات المتحدة.
المصدر: RT
