الرئيسية - عربي ودولي - في خطوة تشريعية هي الأولى من نوعها.. الأزهر يبارك والصحفيون يتحفظون.. قانون الفتوى يثير الجدل في مصر
في خطوة تشريعية هي الأولى من نوعها.. الأزهر يبارك والصحفيون يتحفظون.. قانون الفتوى يثير الجدل في مصر
الساعة 10:42 صباحاً (متابعات )

في خطوة تشريعية هي الأولى من نوعها أقر مجلس النواب المصري مشروع قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية بشكل نهائي في البلاد لوضع إطار قانوني صلب لضبط الفتاوى الشرعية.

 

ويأتي قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية الذي وافق عليه البرلمان المصري في ظل تزايد الفتاوى العشوائية التي أثارت جدلاً واسعًا في المجتمع المصري، ويهدف لوضع إطار قانوني صلب لضبط الفتاوى الشرعية، ووسط إشادات واسعة من الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء، أثار القانون تخوفات من بعض الجهات، خاصة نقابة الصحفيين، التي رأت في بعض مواده تهديدًا لحرية الإعلام.

 

وأعلنت الحكومة أن مشروع القانون جاء استجابة لضرورة وطنية ودينية لتنظيم إصدار الفتاوى، حيث يحدد الجهات المخولة بإصدار الفتاوى العامة والخاصة، ويضع ضوابط صارمة لضمان أهلية المفتين، ووفقًا للمادة الثالثة المعدلة تختص هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، بإصدار الفتاوى العامة التي تؤثر على المجتمع ككل، بينما تشمل الفتاوى الخاصة، التي تهم الأفراد لجان الفتوى بوزارة الأوقاف شريطة استيفاء شروط علمية يحددها الأزهر.

 

وأُلزم مشروع القانون الجديد وسائل الإعلام بعدم نشر فتاوى صادرة من غير هذه الجهات، مع فرض عقوبات تصل إلى الحبس 6 أشهر وغرامة 100 ألف جنيه على المخالفين.

 

توافق أزهري

 

وشهدت مناقشات القانون جدلاً حول دور وزارة الأوقاف، حيث سجل الأزهر تحفظًا مبدئيًا على السماح لأئمة الأوقاف بإصدار الفتاوى، معتبرًا أن الفتوى يجب أن تظل مستقلة عن السلطات التنفيذية، لكن التوافق تحقق بعد تعديلات اقترحها الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر، تضمنت تعريفًا جديدًا للفتوى الشرعية بأنها "إبداء الحكم الشرعي في فتوى عامة أو خاصة"، وإسناد صياغة اللائحة التنفيذية للقانون إلى لجنة تشكلها هيئة كبار العلماء، تضم وزير الأوقاف ومفتي الجمهورية.

 

وأشاد وكيل الأزهر بأن بمشروع القانون، واصفًا إياه بأنه "طفرة غير مسبوقة" في تنظيم الفتوى، بينما أكد وزير الأوقاف أسامة الأزهري أن القانون يعكس وحدة المؤسسات الدينية خلف الأزهر الشريف.

 

وكيل الأزهر ووزير الأوقاف المصري خلال مناقشة مشروع القانون داخل البرلمان

 

من جانبه أكد رئيس المجلس حنفي جبالي أن القانون يمثل "فصلًا جديدًا في مسار الفتوى في مصر"، مشيرًا إلى أنه خطوة لمواكبة التحديات الراهنة وتعزيز الخطاب الديني الوسطي، وأشادت الهيئات البرلمانية، بما في ذلك حزب مستقبل وطن والشعب الجمهوري، بالقانون لقدرته على التمييز بين الفتوى العامة والخاصة، وتأكيدها على دور مصر كمرجعية دينية عالمية.

 

تخوفات الصحفيين

 

مع ذلك أبدت نقابة الصحفيين تخوفها من المادة المتعلقة بحظر نشر الفتاوى من غير المختصين، معتبرة أنها تتعارض مع المادة 71 من الدستور التي تكفل حرية الصحافة، ودعت النقابة إلى إلغاء هذه المادة، محذرة من أنها قد تُستخدم لتقييد البرامج الدينية، في المقابل دافع النائب محمد طارق عضو اللجنة الدينية عن القانون، مؤكدًا أنه يعزز الأمن القومي ويحمي المجتمع من الفتاوى المتشددة أو المتساهلة التي تهدد الاستقرار الاجتماعي.

 

وتُعد الفتوى الشرعية ركيزة أساسية في المجتمعات الإسلامية، حيث توجّه سلوك الأفراد والجماعات في قضايا العقيدة، والعبادات، والمعاملات، لكن غياب إطار قانوني واضح في مصر أدى إلى فوضى في إصدار الفتاوى، خاصة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، مما سمح لأفراد غير مؤهلين بالتأثير على الرأي العام، وقد أثارت فتاوى مثيرة للجدل، مثل تلك المتعلقة بالقضايا الاجتماعية أو السياسية، مخاوف من تأجيج التطرف أو البلبلة.

 

رئيس مجلس النواب يرأس الجلسة العامة للبرلمان خلال كلمة رئيس لجنة الشؤون الدينية

 

ويأتي مشروع القانون في سياق جهود الدولة المصرية لتجديد الخطاب الديني الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي مرارًا مع تعزيز دور الأزهر ودار الإفتاء في مواجهة الأفكار المتطرفة، ويتكون القانون من 9 مواد بالإضافة إلى 3 مواد مستحدثة اقترحها الأزهر ويحدد شروطًا للمفتين تشمل التخرج من كليات شرعية بالأزهر، حسن السيرة، واجتياز اختبارات هيئة كبار العلماء، كما يمنح هيئة كبار العلماء سلطة ترجيح الرأي في حال تعارض الفتاوى، مما يعزز دور الأزهر كمرجعية دينية رئيسية.

 

سبق أن شهدت مناقشات القانون في 2018 خلافات بين الأزهر ووزارة الأوقاف حول استقلالية الفتوى لكن التوافق الذي تحقق في 2025 يعكس تنسيقًا غير مسبوق بين المؤسسات الدينية، ومع إقرار القانون تتجه الأنظار إلى اللائحة التنفيذية التي ستصدر خلال شهر، والتي ستحدد تفاصيل تطبيق القانون، بما في ذلك آليات ترخيص المفتين ومتابعة الالتزام بالضوابط.

 

 

المصدر: RT