الساسة لا حربنا
الساعة 10:00 صباحاً
الحرب في اليمن بين أطراف سياسية طموحها الوصول للسلطة، وهو طموح مشروع على أي حال، ولكن غير المشروع هي الطريقة التي تنتهجها هذه الأطراف السياسية لبلوغ هذا الهدف لأنها استباحت في سبيل ذلك كل محظور. فما أن بدأ الأمر قام كل طرف بإعلانه الحرب وأبدى الجميع إستعداده للقضاء على الآخر وأستباحة دمه وماله، وبعد أن كان الشعب يترقب نتيجة هذه الحرب ويأمل في إنتهائها خصوصا وهو يرى تناحر الساعون للحكم، وإستبسال كل منهم في تخوين الآخر وتجريمه، وكيف أنعكس كل ذلك عليه بالسوء إلا وهو يرى نفسه مشارك فيها دون أن يختار ذلك، فلم يعد الأمر مقتصر على الصراع السياسي فقط بل أصبحنا نرى صراعا مناطقيا و عقائديا وحتى عرقي. تم إرغام الشعب من قبل الأطراف السياسية على خوض الحرب وإقحامه فيها رغما عن أنفه وبدأت هذه الأطراف بإشعال فتيل الفتنة وتأجيج نارها بين مختلف أطياف الشعب المتعددة مشاربه فلم يعد الخلاف سياسي كما بدأ بل أصبح خلاف (سني شيعي) (شمالي جنوبي) (هاشمي حميري) أو بالأصح هكذا يراد للصراع أن يكون لأغراض سياسيه لاغير، أي أن يتناحر الشعب فيما بينه لخدمة هذا الطرف أو ذاك. كنا في ما مضى نرى الشافعي يصلي بجانب الزيدي ثم ينتهون من الصلاة ويسلم كل منهم على الآخر ويتبادلون أطيب الكلام دون أن يهتم أي منهم هل الذي بجانبه “بيضم أو بيسربل” هل بيقل “آمين” أولا.. واليوم ماذا!؟ أصبحت المساجد مقسمه بين هذا وذاك وأصبح هناك مكان مخصص للزيدي ومكان مخصص للشافعي وأصبح السني متهم أمام الشيعي والشيعي متهم أمام السني حتى وإن كانوا أخوه ويسكنون نفس المنزل. كنا نرى الشمالي يختار الجنوب متى ما أراد إما للسكن أو للوظيفة أو للنزهى أو للإستثمار وكذلك الجنوبي كان يقوم بإختيار الشمال متى ما أراد دون أن يجد مايمنعه او يعيقه.. واليوم ماذا؟! أصبح الجنوبي يرى الشمالي في الجنوب خائن وعميل ولا يخفى على أحد حملات الترحيل “بالبطاقة” التي حدثت ولازالت من قبل إشقائنا في الجنوب بحق شماليين ليس لشيء إنما لكونه شمالي فقط، وهذه بحد ذاتها تهمه، ولا أعتقد أن الأخوة في الجنوب لهم نفس النظرة في الشمالي بل أجزم أنهم يرونه أخ مرحبا به متى ما أراد ولكن السياسيين هناك من يسعون للتفرقة على غرار السياسيين الآخرين في الشمال. كانت العلاقات الإجتماعية بين الناس تسودها المحبة والإنسجام فلم نكن نسمع بشئ أسمه “حميري” أو “هاشمي” ولم يكن نسب الشخص، الذي لم يختاره اصلا، تهمة له في يوم من الأيام.. واليوم ماذا!؟ أصبح الإنتماء تهمه قد يسفك لأجلها دمك وليس لك ذنب سوا أنك من هذه الإسرة أو من تلك القبيلة! في الحقيقه الشمالي لم يختار أن يكون شمالي والجنوبي لم يختار أن يكون جنوبي، الحميري لم يختار أن يكون حميري والهاشمي لم يختار أن يكون هاشمي حتى الزيدي نجد أنه نشأ وترعرع في بيئة زيدية، والشافعي نشأ وترعرع في بيئة شافعية فلماذا نعاقب بعضنا على ذنوب لم نرتكبها، هذا اذا كانت ذنوب اصلا؟! هي حرب سلطة وحكم تخص الخصوم السياسيين ليس لنا فيها كشعب ناقة ولاجمل إلا أنهم إستطاعوا إستخدامنا كسلم ليصعدوا عليه بزرع الخلاف والتفرقة فيما بيننا.