ومضات جنوبية
2019/02/02
الساعة 10:35 مساءاً
صدق أو لا تصدق حدث هذا فعلاً ولذا أذكر الشخصيات بالإسم .
في بداية التسعينيات. وبينما كنت أدرس في تبيليسي /جمهورية جيورجيا تلقيت دعوة من صديقي القائد العقيد بحري محمد حسين العنتري في مدينة بوتي الواقعة على البحر الأسود. وقد كانت مكرمة منه لي للإحتفال معهم بذكرى نوفمبر.
وصلت بالقطار ليلاً. وفي الصباح أخذني العقيد محمد حسين معه في جولته التفقدية لكتيبته ( الأكبر من الكتائب الأجنبية التي تتلقى الدورات التدريبية)
وصدف أن أنضم إلينا مطهر الليبي قائد الكتيبة الليبية وأثناء ( اللفة ) على الصفوف الدراسية( كنت أتفشخر بجانب القادة العسكريين ) .
وفجأة
في أحد الصفوف أشتكت مدرسة اللغة الروسية للقائد الليبي إن أحد الجنود لديها (قفل) تعبت منه لايفهم أبداً
وفجأة
تصوروا
خلع مطهر القائد الليبي للكتيبة حزامة العسكري الضخم ذو القفلة الحديدية وبطح الجندي ( الأكبر سناً منه ) على الأرض وضربه بقوة وبحقد.
فتلافى الموقف العقيد محمد حسين وسحبه و(فرعه)
وأُصيبت المعلمة بالصدمة فأستهجنت الموقف وأجهشت بالبكاء قائلة :
أنا أشتكيت لك من أجل أن تجد طريقه أخرى لتعليمه لا لمعاقبته وشعرت بثقل الذنب عليها قائلة:
(ياآلهي ياللفظاعة).
وواصلنا طريقنا. إلى فصول اليمنيين وكان مطهر الليبي لايزال معنا وقد تمنطق حزامه ثانية ولا أدري بماكانا يتهامسان
هو والعقيد محمد حسين العنتري.
في المساء كان الإحتفال كبيراً وحضرته كل الكتائب الصديقة الواقعة في نفس المعسكر التدريبي. وكان العقيد محمد حسين العنتري حريصاً على تفقد كل صغيرة وكبيرة وحرص على تقديم وجبات يمنية.
وفجأة.
جاء القائد مطهر الليبي يبحث عن صديقه
العقيد محمد حسين العنتري فوجده في المطبخ ( على طنجرة كبيرة ) يطبخ الزربيان
العدني ( كان طباخاً ماهراً جداً جداً )
فأندهش مطهر وصرخ : ياحضرة العقيد انته شنهي تسويه. باهي باهي. وخرج حنقاً.
وأثناء السهرة. جاءت فرق فنية وكان حفلاً فريداً تخللته كل أنواع الفنون اليمنية والروسية.
وفيما كانت الموسيقى تصدح صاخبة. وعلى المائدة دار الحوار التالي قال مطهر الليبي ل العقيد محمد حسين العنتري :
أنت أش بلك تطبخ ياحضرة العقيد انته شنهي تسويه. باهي .. باهي ..إنت تطبخ للجنود وهم يتفرجوا عليك باهي باهي ياخير فرجة. انت المفروض ماتخدمهم هم يمسحوا رجليك لو تريد.
قال العقيد محمد حسين العنتري :
لعلمك يامطهر إننا أطبخ لهم حتى في الأيام العادية مش بالمناسبات وبس
قال مطهر : وكيف عاد يحترموك بعد إذا هكه تعامل معاهم
قال العقيد محمد حسين العنتري :
يامطهر لاتزعل مني بس أقول لك إننا كقادة عسكريين يجب أن نغرس الحب من والى الجنود هذه تربيتنا في جيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية
وأردف قائلاً : ولاحظ يامطهر إنني كقائد أطوف بالليل لأتفقد حد مريض حد جائع
لذا هولاء الجنود في المعركة سيحمونني وأحميهم . لكن ولاتزعل مني في المعركة إذا أستطاع الجندي المغلوب على امره الذي ضربته الصباح وبعثرت كرامته إذا قدر يستغل ظروف أي معركة قادمة قد يقتلك من الخلف او من الأمام أن واتته الفرصة لذلك
ونكس مطهر الليبي نظره للأرض وظلّت الموسيقى تصدح صاخبة وأطباق الزربيان تدور تتلوها أنواع من الحلوى اللحجي وغيرها
وظل مطهر بنظره منكساً للأرض كأنما يبحث عن دبوس وتعالت الموسيقى ودارت الكؤوس ومطهر يبحث عن دبوس و العقيد محمد حسين العنتري يرقص مع جنوده برع يافعي حيناً وحيناً يتفقد الموائد ويرمق صديقه مطهر الذي بدا للي للحظات أما إنه كان محتاراً خائفاً أو قد يكون وخز الضمير بدا بالنكز عليه أو إنه لم يجد ...... الدبوس.