يناير الوجع وسقوط الأقنعة...
الساعة 12:39 صباحاً
مر عام على أحداث الثامن والعشرون من يناير 2017... عام يمر شريط أحداثه أمامنا ليذكرنا بمن غرر بهم من أبناء الجنوب وأهدرت دمائهم للانقلاب على الشرعية جزافا... عام تجلت فيه صورتان... الأولى صورة المجلس الانتقالي الذي قاد انقلابا على الشرعية ممثلة بفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي ورفضا لتواجد حكومته برئاسة دولة رئيس الوزراء السابق الدكتور أحمد عبيد بن دغر بالعاصمة المؤقتة عدن... وبالمقابل تجلت لنا صورة اخرى كان رمزها الصمود والتجلد الذي لا ينبع إلا عن وطنية فذة تمثلت في استبسال رئيس الحكومة بن دغر وأعضاء حكومته وبقائهم في قصر المعاشيق رغم الخطر الذي كان يحيط بهم ويحاك لهم... لكنهم لم يتركوا العاصمة المؤقتة عدن تواجه ذلك المصير البائذ الذي كان عصارة أحقاد مناطقية بتدبير من جهات تقف أمام مصلحتها ما تقوم به حكومة بن دغر من اصلاحات وتوجه لاستقرار عدن وأمنها كعاصمة مؤقتة لليمن الإتحادي الذي أعلن مولده في الخامس والعشرون من يناير 2014... والذي ولأول مرة أتفق فيه الفرقاء من أبناء اليمن كافة شماله وجنوبه في إيجاد حلول عادلة لكل قضايا اليمن وشعبه بقوة العقل والحوار بعيدا عن حمل السلاح وتصويبه نحو بعضهم البعض... يوما اسمع اليمنيون عامة صوتهم للعالم بانهم مازالوا أبناء الحكمة التي وصفها بهم رسولهم الكريم محمد صلى الله عليه وسلم... فكان هذا اليوم ثمرة عشرة أشهر... كان عمرا لمؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي كانت بدايته في الثامن عشر من مارس 2013... ثمرة أعلنت عن مولد يمن إتحادي جديد... يمن الحقوق والحريات والحكم الرشيد... يمن أول من تقدم بحلم مولده دولة رئيس الوزراء السابق د. أحمد عبيد بن دغر... حيث قدم رؤية شاملة للمكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني في عام 2005 حول شكل الدولة من أربعة إلى سبعة أقاليم... دولة إتحادية بعهد وشكل جديد يضمن لكل الفرقاء حقوق مكتملة وعادلة في توزيع الثروات... معتمدا في رؤيته على أساس إن اليمن بشطريه شمالا وجنوبا يمتلك من عناصر الوحدة ما يمنح الوحدة القدرة على البقاء ولكن بشكل جديد منصفا للجميع... ويمتلك في نفس الوقت من التنوع ما لا يهدد الوحدة إذا أحسن اليمنيون حل جميع التناقضات القائمة بينهم... لقد وضع بن دغر لبنات الدولة الإتحادية قبل أن يعلن عنها بحوالي 9 سنوات... رؤية أهملت ورفضت حينها... ولو أنهم حاولوا حينها العمل بها لأصبح اليمن قوة تضاهي تلك الدول العظمى اليوم... اليوم تمر الذكرى السنوية الأولى لأحداث الثامن والعشرون من يناير 2017... احداث تذكرنا باحداث الثالث عشر من يناير 1986... نفس السيناريو ونفس الدماء ونفس الأحقاد المناطقية ذاتها... هي هي الصورة تتكرر ضحيتها كانت دماء زكية لابناء وطن غرر بهم... فيكفي يا يناير فقد حملت الكثير من الذكريات المؤلمة... يكفي قتلا وسفكا لأبناء وطني... يكفي فاصنع لنا ذكريات حلوة نعشق قدومك بها... وكي نكن منصفين أيضا علينا أن تعترف أن يناير كما يحمل لنا الكثير من الأوجاع فقد كشف لنا بالمقابل وجوه وأسقط أقنعة كانت تداري خلفها وطنيات مزيفة... فمثلما ننتقد يناير علينا ايضا إنصافه وشكره ففي مثل هذا اليوم من العام المنصرم كشفت وجوها لنا على حقيقتها.. وجوها كم تاجرت بأبناء الجنوب تحت راية القضية الحنوبية... كشفت عن قبحهم واحقادهم وكشفت عن اطماعهم... وبالمقابل أظهرت يايناير رجالك الوطنيون حقا... وأثبت للجميع أن اليمن عامة والجنوب خاصة فيها رجالا لا يخشون الموت في سبيل قول كلمة الحق الذي لاجله واجهوا حصارا وموتا كاد مؤكدا ولم يتخلوا عن عدن وأهلها... رجالا كأمثال دولة رئيس الوزراء السابق د. أحمد عبيد بن دغر ووزراء حكومته الذين استبسلوا ولم يخشون الموت الذي كان يحيط بقصر المعاشيف حينها من كل حذب وصوب... فهنيئا لعدن واليمن عامة رجالا من امثالكم... فزغردي وافرحي ياعدن فمازال فيك رجالا ان عاهدوا الله فيك صدقوا ولم تهتز لهم شعرة... ورسالتي هنا الى جميع اليمانيون كافة شمالا وجنوبا احزابا ومكونات سياسية... ضعوا خلافاتكم بعيدا لأجل اليمن وعراقة أصل اليمانيون ودعونا نكمل حلمنا بإقامة دولة أتحادية نثبت بإقامتها أن قوة الجنوب لن تاتي فرادا ... فالجنوب والشمال هما أساسا لاسم اليمن... فلا نعرف أن هذا جنوب إن لم نجد ما نسميه شمال وبالعكس أيضا... فنحن أبناء ملة واحدة وأصل عربي عريق تنسب إليه معظم الأصول العربية... نحن اليمن وأصل العرب وعزتهم وكلمة الحق التي نصرت رسولهم الكريم وآمنت به بالرسالة دون حروب وسفك الدماء... نحن أبناء الإيمان والحكمة... نحن من نمتلك تاريخ نفخر به... تاريخ بلقيس وأروى حينما كان اليمن يدعى باليمن السعيد... فكيف غذونا نسود تاريخنا... أما حان الوقت أن نلتحم ونتحد ونتسامح حقا ونرتقي باخلاقنا عن أحقادنا؟!... أما آن الأوان أن نلملم جميع خلافاتنا ونبحث عن نقطة ولو صغيرة نلتف حولها؟!... آلم يحن الوقت بعد يا أبناء اليمن شماله وجنوبه لنعلن عن مولد اليمن الإتحادي الجديد السعيد ونرسي دعائم وجوده وبقائه حتى يفنى الكون؟!...