الهلال الجريح .. شهيد "الكونغ فو"
2019/09/25
الساعة 06:12 مساءاً
الهلال البطل المبتسم دائمآ رغم الجرح ، الحالم الطامح الذي لم تمنعه ظروف بلده عن تحقيق حلمه؛ بل زادته إصرارآ على النهوض والنجاة بنفسه بعد أن زاد البؤس والإحباط فيه،وتقاسم الكبار حصص شبابه،وتركوهم إما على قارعة الطريق أو على أبواب السفارات وفي البحار غارقين "مستنجدين" وناجين أيضآ..
بطل اليمن الجريح " لم نعي جميعآ ما حدث لك ،لكنا مؤمنين بقضاء الله وقدرة، ناقمين لهذا الوطن الذي لم يتسع لطموحك ولم يؤمن بك يومآ وتركك تواجه الموت بمفردك ،وكأن هذا جزاءك عندما غادرته فإن لم يقتلك تحطيمه لحلمك وأنت على أراضيه،وفوق تراب نعشه، قتلتك الأمواج ثأرآ له.
لم تخطئ عندما قررت حزم أمتعتك ومغادرة البلد التي دفنتك حيآ " لقد هاجرت باحثآ عن وطن آخر يحتضن إبداعك،وطن يؤمن بقدراتك وموهبتك، وطن يتسع لكل تلك الأحلام التي تمنيت تحقيقها بعيدآ عن بلدك وساستها الكبار الغارقين في الصراع ،الذين أجرمو بحقك وحق كل الشباب الطامح والمبدع .. الشباب الذين لم ينالو يومآ حقهم في الحياة فهاجرو بحثآ عن واقع يليق بهم .
لقد حققت كل ما تطمح إليه ورفعت أسم اليمن عاليآ كما تمنيت وكنت أنت اللاعب الشجاع الذي لا يقهر ،وبطل " الكونغ فو "الذي حقق الصدارة لبلده، وحصل على عدة جوائز وميداليات في بطولات عربية وآسيوية ؛ ويوم عدت بميدالية البطولة العالمية التي نلتها لتفتخر بها أمام من خذلوك بالأمس ؛ خذلوك ثانية واخبروك ببؤسهم المصطنع وتحطميهم المعتاد ؛ ليوقفوك ، هم لا يرونك بطلآ ؛ لكنهم بحاجتك وقودآ للحرب ،صريعآ في ميادين خبثهم .
هكذا هم الطواغيت " قتلتك" من سلبوك الحياة وأفقدوك إتمام حلمك لتعود إليهم جثة هامدة ؛ معلنين بعد العثور على جثمانك تكفلهم بنفقات عودتك وتحمل أعباء نقلك،بعد أن أجبرك ظلمهم وتخليهم عنك على السفر بحرآ "مهاجرآ غير شرعيآ" لإكمال هدفك ،هولاء الجناة المنافقين زورآ ؛ هاهم اليون يتسابقون لدفنك ؛ اولئك الذين تركوك في حياتك ولم يتلفت احدهم إليك لدعمك، والوقوف لجانبك وتشجيعك ؛ ويوم أغرقوك تهافتوا للنيل مما تبقى منك...
نعم هم بارعون جدآ في المواساة وفي التعازي وفي تحضير الجنازات وإعداد موائد الموت لكل الطامحين الحالمين المبدعين رغمآ عنهم ..
لم تغرقك امواج اسبانيا بل أغرقك وطنك البائس هربآ منه لتنجو إلى الموت ..
ولم تكن هجرتك غير شرعية ،الجواز لم ينجيك ولم يبقيك ايضآ..
غرق قاربك يا هلال اليمن" ربما حينها كنت تطلق عليه منقذك ونجاتك لم تكن تعلم بأن القارب الذي علقت به كل آمالك وأحلامك وحتى قفازاتك سيخذلك أيضآ كما خذلك الوطن وساسته المجرمين...
حزينة لخسارة اليمن بطل من أبطالها ،شابآ طامحا،ولاعبآ شجاعا حقق الكثير وناضل حتى الوصول ..
حزينة جدآ على هذا البلد الذي لا يحتفظ إلا بمجرميه،ولا يحفظ إلا فاسديه،ولا يتمسك إلا بقاتليه..
مؤسف ما أصابك، لا أعرف كيف صارعت الموت لتحيا، كيف أمضيت من الوقت لتنقذ نفسك من الغرق ، كم هي الأفكار التي راودتك حين لفظت آخر أنفاسك،وأنت تبحث عن النجاة ،أهلك ،أصدقائك، الموت الذي يحيط بك من كل جانب لم يدع لك فرصة لتوديعهم ،وحتى قفازاتك غرقن بجانبك ،وكأنهن أبين ألا يخذلنك كما خذلك الكثيرين وتسببو في موتك.. رحلن معك كيف لهن بالبقاء وقد فارقهن البطل.. لقد فضلن الغرق لعمق البحر وفاءآ لك كي لا يعيدوهن لبلد لم تعرف يومآ قيمتك إلا عندما رحلت ...
الله غالب ...
رحمة الله تغشاك شهيد" الكونغ فو"..
وحسبنا الله ونعم الوكيل ..