أيها الحُزن الذي يشبه الغيم، لقد أصبحت مطرًا على عاصمة الثقافة اليمنية،ومستحيل هوى الغبار يمسح الحزن عن الحالمة.
كلما توغلت أكثر في أحداث تعز الأخيرة ،ودققنا أكثر وتحديدًا أخرها يومنا هذا مشهدان متناقضان..
الأول الجُرم المشهود في مشهد دماء شهيدة الحوكمة ،وتنظيف تعز من الفساد، واللصوص الدكتوره افتهان المشهري ، وعلى الوجه الآخر ( الثاني) جثة شاب من أبناء تعز متهم بقتلها، حيث حمل قنابل يدوية في مواجهة قوات الأمن التي قدمت لإعتقاله، لتكون النهاية مصرعهُ والدوس على وجهه بالحذاء، وإصابة العديد ممن شاركوا في حملة القبض عليه.
مالذي أوصل أحد شباب تعز الى هكذا نهاية؟
هذا الشاب كان ممكن أن يكون طالب جامعي ،وحامل ماجستير ،وذات يوم قد يشغل منصب مدير صندوق النظافة و التحسين الذي شغلته افتهان المشهري ليستكمل الرسالة التي بدأتها الشهيدة.
هذه الملامح التي تلخص وضع تعز هي بلاشك وجه اليمن بالكامل، وليس لهم خيار سوى سفك الدماء.
من يغسل أدمغة النشء بثقافة السلاح والقتل؟
كيف تمددت ثقافة الخوف والقتل والفوضى؟
الحقيقة الكاملة لما حصل في تعز ويحصل في كل مكان في اليمن ليست وليدة الصدفة.
لاشيء يجلب الحب في تعز ،وطالما مايزال يسرح ويمرح بيننا كل من أوصل قاتل افتهان المشهري الى هكذا نهاية.
أو أوصل الآلاف من شبابانا الى هكذا نهاية مأساوية وضياع.
بل الأدق من أوصل افتهان المشهري وتعز واليمن الى نقطة اللاعودة.
من ؟ كيف سنحاسب القاتل الحقيقي؟
من المسؤول عن كل ماحدث وسيحدث؟
كان المفترض أن نكون في حرب مفتوحة على الأمية ،وشجرة القات، وثقافة السلاح، لنجد أنفسنا في حرب مفتوحة على مطلوبين هم في الأساس ضحايا مجرمين قتلة مايزالون أحرار طلقاء يجرون بلدنا الى الجحيم..
بالفعل شهوة السلطة هي أقوى مُجمَع شهوات..
شهوة النفوذ، والوجاهة، والشهرة ،والمال ،وسفك الدماء، والتضحية بشباب في عمر الزهور ،والأدهى من ذلك اغتيال كل العقول الوطنية ،والنزيهة، والخيرة بدون رحمة.
حتى لاننسى حزننا اليوم، نلفت إنتباهكم الى أنه مايزال بيننا من يتعطش للدماء، والمزيد المزيد من الدماء.
ولانامت أعين الحبناء.
