آ
لجأت الحكومة الشرعية إلى طبع النقود على نطاق واسع، نتيجة الضغوطات المالية على خلفية تفشي وباء كورونا وقيام ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي، الداعي للانفصال والمدعوم من دولة الإمارات، بنهب الإيرادات العامة وتحويلها إلى حساب خارج البنك المركزي.
وطبعت الحكومة اليمنية نحو 300 مليار ريال خلال 40 يوماً، حيث وصلت الدفعة الأولى إلى البنك المركزي يوم 19 مايو الماضي وتقدر بنحو 108 مليار ريال، ثم دفعة ثانية يوم 13 يونيو تقدر بنحو 80 مليار ريال ودفعة ثالثة بوم 29 يونيو و تقدر بنحو 119 مليار ريال.
ولم تصل الدفعتين الثانية والثالثة إلى خزينة البنك المركزي، حيث قامت وحدات عسكرية محلية مدعومة من دولة الإمارات بالسطو المسلح على الشحنتين وتحويل مسارها بعيداً عن البنك المركزي.
ولا تزال الدفعة الثانية المقدرة بـ80 مليار محتجزة لدى القوات المدعومة من الإمارات في عدن، في حين وردت أنباء اليوم أن القوات الإماراتية في المكلا نقلت الدفعة الثالثة من تلك الأموال والمقدرة بـ119 مليار التي كانت صادرتها من ميناء المكلا إلى مقر البنك المركز في المدينة.
وتعاني الحكومة من إنخفاض حاد في الدخل من عائدات النفط الخام نتيجة تراجع الأسعار العالمية على خلفية تفشي وباء كورونا، كما تعاني من فقدان إيرادات محلية واسعة إستولى عليها المجلس الانتقالي الداعي لإنفصال الجنوب.
ويعتبر النفط المحرك الرئيس لاقتصاد اليمن، ويمثل 70 في المائة من موارد الموازنة، و63 بالمائة من الصادرات، و30 بالمائة من الناتج المحلي، وتمثل عائداته نسبة كبيرة من موارد النقد الأجنبي، حسب بيانات رسمية.
وتزايدت الضغوط المالية على الحكومة بعد سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على العاصمة المؤقتة عدن ( جنوب البلاد) وإعلان ما يسمى " الإدارة الذاتية" وإعلانه الإستيلاء على إيرادات الرسوم الجمركية من المنطقة الحرة بميناء عدن وتحويلها إلى حساب خاص في البنك الأهلي اليمني وهو بنك تجاري مملوك للدولة.
وقال مسؤول في البنك المركزي اليمني، لـ"المصدر اونلاين"، إن الضغوطات المالية أجبرت الحكومة على التوسع في طبع النقود لتغطية النفقات ودفع رواتب موظفي الدولة"، معتبرا أن تأثيرات الطباعة على الإقتصاد أخف من تأثيرات عدم دفع الرواتب وتعطل المؤسسات العامة".
وأكد المسؤول الذي طلب عدم ذكر إسمه، أن "الانتقالي" قام بفتح حساب خاص في البنك الأهلي، لتحويل الايرادات من الرسوم الجمركية في ميناء عدن والمنطقة الحرة، وأن هذا مخالف للقانون ويؤثر على قدرة البنك المركزي في الوفاء بالتزاماته ومنها دفع الرواتب والنفقات الحكومية.
وفي الوضع الطبيعي، يقوم البنك المركزي بدفع رواتب موظفي الدولة في مناطق الحكومة منذ يوم 20 في الشهر، لكن الضغوطات المالية خلال هذا الشهر، تجيره على التأخر في صرف الرواتب وعلى دفعها بالتقسيط حسب تدفق الإيرادات المتبقية.
وقال قطاع العمليات المحلية بالبنك في إعلان على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي"فيسبوك" ، بأنه لن يتوقف عن أداء مهامه في صرف رواتب موظفي الدولة ، وبحسب ما تصل إليه من موارد وتوفر السيولة، ونشر جدولا لصرف المرتبات والأجور لشهر يونيو .
وأوضح البنك أنه سيبدأ بدفع رواتب مكاتب السلطة المركزية محافظة عدن فقط يوم الاثنين القادم 6 يوليو، ومرتبات دواوين السلطة المركزية ومنها الجامعات والمصالح والأجهزة يوم الثلاثاء 7 يوليو، وشيكات مكاتب السلطة المحلية بالمحافظات الاخرى يوم 8 يوليو.
وتخوض حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، حرباً جديدة في محافظة أبين (60 كم شرق عدن)، مع قوات المجلس الانتقالي المدعوم من أبوظبي، فضلا عن حرب واسعة بدأت نهاية عام 2014، بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة، وتصاعدت وتيرة الصراع منذ مطلع عام 2015 بعد تدخل تحالف بقيادة السعودية لدعم السلطة الشرعية.
ولم تعلن الحكومة عن موازنة عام 2020، وتعمل بموازنة عام 2019، التي قدرت العجز المالي بنحو 30%، ويتوقع خبراء الاقتصاد أن يرتفع العجز خلال هذا العام إلى نحو 65% على أقل تقدير.
وقدرت موازنة عام 2019، حجم الإيرادات بنحو تريليونين و159 مليار ريال، فيما بلغت تقديرات النفقات على المستوى الوطني نحو 3 تريليونات و111 ملياراً و153 مليون ريال.
ووفقا لتقديرات الخبراء، فإن إيرادات الحكومية قد تتراجع بأكثر من 50%، نتيجة انخفاض أسعار النفط وقيام "الانتقالي" بنهب الإيرادات العامة في مدينة عدن.
وكانت الحكومة تقوم بتغطية العجز من مصادر غير تضخمية عبر استخدام أدوات الدين المحلي وحشد التمويلات الخارجية، إضافة إلى وضع آليات للإنفاق تتلاءم مع تدفق الإيرادات، وتبدو مضطرة للتوسع في إصدار السندات والتمادي في طبع النقود خلال العام الجاري 2020.
وكان محافظ البنك المركزي اليمني "أحمد الفضلي"، أكد بأن اليمن سيواجه مرحلة صعبة قد تكون الأسوأ، في حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد".
وقال الفضلي في تصريحات صحفية :" الاقتصاد اليمني سيمر بمرحلة حرجة، مع انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية، الأمر الذي سيكون له تبعات كبرى وستتسع الفجوة ما بين الإيرادات والمصروفات مما سينعكس على ميزانية 2021 التي ستكون الأسوأ في تاريخ اليمن إن لم تتحسن الأوضاع في الأشهر القليلة المقبلة".
وشهدت العملة اليمنية خسائر بنحو 12 بالمائة أمام الدولار الأمريكي خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الجاري، وفقا لتقرير إقتصادي حديث صدر عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي.
وقال صيارفة ومتعاملون لـ"المصدر أونلاين"، أن سعر الريال انخفض إلى 745 ريالا للدولار منذ منتصف يونيو، من 650 ريالا للدولار بداية مايو، فيما يتوقع محللون وخبراء أن يشهد الريال اليمني انهيارا متسارعا وأن يتجاوز سعر صرف الدولار حاجز 800 ريال خلال يوليو.
وقال البنك الدولي، نهاية أبريل، أن اليمن يواجه مخاطر كبيرة من تجدد التقلبات في الاقتصاد الكلي، وأنه بدون مصادر مستقرة للعملات الأجنبية، فإن الريال اليمني عرضة للضغوط والتدهور.
وأوضح البنك في التقرير الشهري، أن الوديعة السعودية، التي مولت الواردات الأساسية، قاربت على النفاد، وأن زيادة صادرات الهيدروكربونات غير مؤكدة إلى حد كبير بسبب النظرة القاتمة لسوق النفط العالمي.