الرئيسية - أخبار محلية - مهمة المبعوث الأممي إلى اليمن تزداد تعقيداً أكثر من أي وقت مضى
مهمة المبعوث الأممي إلى اليمن تزداد تعقيداً أكثر من أي وقت مضى
الساعة 12:39 صباحاً
(تقرير ديبريفر) تزداد تعقيداً مهمة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، أكثر من أي وقت مضى، إثر أنباء أشارت إلى ترشيح جنرال دنماركي بديلاً عن الجنرال الهولندي باتريك كاميرت في المهمة الخاصة بالحديدة، غربي اليمن، وخلافات بين الأخير والمبعوث الأممي. ونقلت قناة "العربية" السعودية عن مراسلها في نيويورك، أمس الأربعاء، أن الأمم المتحدة سترسل بترشيح الجنرال الدنماركي، مايكل لوليسغارد، إلى مجلس الأمن الدولي هذا الأسبوع، ليحل محل الجنرال باتريك كاميرت كرئيس للجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة ابتداء من فبراير/شباط القادم. لكن اتضح أن ما أعلنته قناة "العربية" غير صحيح، على الأقل في الوقت الراهن؛ فالجنرال باتريك كاميرت كان حاضراً صباح اليوم الخميس رفقة مارتن غريفيث في ضيافة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي الذي استقبلهما في مقر إقامته بالعاصمة السعودية الرياض في لقاء يتعلق بمستجدات الأوضاع في اليمن خصوصاً ما يتعلق بتنفيذ أتفاق ستوكهولم بالسويد. وطالب الرئيس هادي المبعوث الأممي مارتن غريفيث بـ"وضع النقاط على الحروف واحاطة المجتمع الدولي والجميع بمكامن القصور ومن يضع العراقيل أمام خطوات السلام وفرص نجاحها". وأشار هادي، وفق ما نقلته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) التي تبث أخبارها من الرياض، إلى "تعنت الانقلابين ومماطلتهم وعدم وفائهم على الدوام بتنفيذ اي عهداً او اتفاق من خلال مسيرتهم وتجاربهم السابقة". خلال لقاء هادي بغريفيث وكاميرت في الرياض (اليوم) خلال لقاء هادي بغريفيث وكاميرت في الرياض (اليوم) ونقلت (سبأ) عن الرئيس هادي تأكيده "التزام الحكومة الشرعية بمسارات السلام وفقاً ومرجعياتها المحددة والمرتكزة على المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني والقرارات الأممية ذات الصلة وفي مقدمتها القرار 2216". وكان غريفيث غادر مطار صنعاء أمس الأربعاء رفقة الجنرال الهولندي باتريك كاميرت، بعد زيارة دامت ثلاثة أيام اتسمت بعدم الوضوح. وأفادت معلومات أن غريفيث أجرى لقاءات سرية مع قيادات حوثية، باستثناء لقاء وحيد معلن كان مع رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" مهدي المشاط. وأشارت مواقع تابعة للحوثيين إلى أن زيارة جريفيث "تأتي في إطار محاولاته لإنقاذ اتفاق السويد بشأن الحديدة، إلا أنه قوبل بمطالب أنصار الله وتمكسها بتطبيق اتفاق السويد تطبيقاً كاملاً من دون تجزئة، وتحميل الأمم المتحدة والمبعوث الدولي المسؤولية عن تعثر تطبيق الاتفاق الذي استند إلى قرار مجلس الأمن 2451". وكان قيادي في جماعة الحوثيين (أنصار الله) قال الاثنين الفائت 21 يناير، أنه لا مكان للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ونائبه الفريق علي محسن الأحمر، في العملية السياسية القادمة. وأضاف فضل أبو طالب، وهو الأمين العام للمكتب السياسي للجماعة خلال لقائه نائب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، معين شريم: "ما يسمى بالشرعية ليست سوى ذريعة لدول العدوان لتحقيق أهدافها في احتلال البلاد والسيطرة على ثرواته". وأضاف: "انحياز كاميرت وعدم تجاوب دول العدوان يعرقلان اتفاقي الحديدة والأسرى". غير أن الحوثيين لا يهتمون بالمرجعيات أو بالقرارات الدولية، وعادة ما يتنصلون عن أي اتفاقات يمكن أن تقود إلى طاولة المفاوضات من أجل الوصول إلى حل سياسي، وفقاً لمحللين سياسيين. واتهم فضل أبوطالب كاميرت بـ"محاولة حرف مسار اتفاق الحديدة وجره إلى سياقات خارج ما تم التفاهم عليه في السويد". وذكر أن "عدم تجاوب السعودية والإمارات مع اتفاقية الأسرى وكشفها عن مصير الأسرى لديها تسبب في عرقلة الاتفاق". لكن قناة (العربية) نقلت عن مصادر لم تسمها، قولها أن "كاميرت رفض أسلوب المراضاة الذي يتبعه غريفيث مع الحوثيين، وأراد التعامل معهم بصرامة، وبعد أن رفض الحوثيون حضور اجتماعات اللجنة المشتركة، التي عقدت في مناطق سيطرة الشرعية، وإعاقة حضورها وتأخيرها لعدة ساعات، وتعرض موكبه لإطلاق النار بعد خروجه من الاجتماع مع ممثلي الحكومة. واقترح كاميرت نقل الاجتماعات إلى خارج اليمن لأسباب أمنية، ومن هنا نشبت الخلافات بينه وبين غريفيث". غير أن مصادر في الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دولياً ذكرت أن "الخلافات نشبت بين كاميرت وغريفيث بعد اعتراض كاميرت على عملية إعادة الانتشار الصورية التي قامت بها ميليشيات الحوثي في ميناء الحديدة من خلال سحب عناصرها بلباس مدني، وتسليم الميناء لحوثيين آخرين بلباس قوات خفر السواحل". وقال علي محسن الأحمر نائب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، إن "استعادة الدولة اليمنية وإنهاء معاناة اليمنيين التي تتضاعف يوماً بعد آخر بسبب ما ترتكبه ميليشيا الحوثي من شنائع بحق أبناء الشعب وحماية الجمهورية والهوية اليمنية"، مؤكداً أن "إحلال السلام الدائم أمرٌ لا مناص منه ولا تراجع عنه، ويقف في تحقيق هذا الهدف كل أبناء الشعب اليمني وأشقائهم في التحالف". واتفقت جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دولياً المدعومة من السعودية خلال مشاورات السويد، على وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة غربي اليمن، وإعادة انتشار قوات الطرفين خارج المدينة وموانئها على أن يشرف فريق أممي على ذلك. وبموجب الاتفاق كان يتعين على كل من الطرفين سحب قواتهما بحلول السابع من يناير كانون الثاني الجاري. وكان مارتن غريفيث المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، أبلغ مجلس الأمن الدولي، الأربعاء 9 يناير 2019، أن الطرفين، الحكومة الشرعية اليمنية المعترف بها دولياً وجماعة الحوثيين (أنصار الله)، "ملتزمان بشكل كبير باتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي لكن الأمر يتطلب تقدما جوهريا قبل إجراء المزيد من المحادثات بشأن إنهاء الحرب". وينص اتفاق ستوكهولم على انسحاب قوات الحوثيين من ميناء الحديدة وميناءين آخرين ونشر مراقبين دوليين يشرفون على الانسحاب الكامل لقوات الجانبين من مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر التي ستديرها بعد ذلك "سلطات محلية تحت إشراف الأمم المتحدة". ويعيش اليمن منذ 26 مارس 2015 في حرب ضارية بين جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران، وقوات يمنية تابعة للحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بقوات تحالف عربي عسكري تقوده السعودية والإمارات ويشن ضربات جوية وبرية وبحرية في مختلف جبهات القتال وعلى معاقل الحوثيين، تمكنت من خلالها قوات الرئيس عبدربه منصور هادي من استعادة السيطرة على أجزاء كبيرة في البلاد، لكن الحوثيين لا يزالون يسيطرون على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات والمناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية بما في ذلك مدينة الحديدة التي تحتشد حولها قوات موالية للحكومة الشرعية والتحالف. وتتخذ الحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دولياً، محافظة عدن جنوبي اليمن عاصمة مؤقتة للبلاد. وعدن وفق تقرير لمجموعة الأزمات الدولية صدر في أبريل 2018 "مدينة مأخوذة رهينة في لعبة شد حبال متداخلة: هناك أنصار حكومة هادي من جهة، وخصومهم في المجلس الجنوبي المؤقت من جهة أخرى". ويضيف التقرير: "ثمة نزاع بين مصالح وطنية ومحلية متعارضة يسعى فيه الجميع للسيطرة على الموارد لكن ليس هناك قوة تحكم بشكل فعال". وتتمسك الحكومة الشرعية اليمنية المعترف بها دولياً بمرجعيات الحل السياسي الثلاث المتفق عليها، وتؤكد أن "مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ومسودة الدستور اليمني الجديد، حددت بصورة واضحة شكل الدولة الجديدة التي توافق عليها اليمنيون، وهي الدولة الاتحادية البعيدة عن المركزية، وفق مبادئ العدالة والمواطنة المتساوية والحكم الرشيد". وكان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيث قال إن مهمته في اليمن "تحتم عليه أن تجعل جميع أطراف النزاع في اليمن يتخلون عن الشروط المسبقة لإجراء المحادثات ومنح فريق عمله إمكانية الوصول دون قيود ودون شروط إلى جميع أصحاب الشأن المعنيين". ويؤكد أن "التوصل إلى تسوية سياسية عن طريق الحوار الشامل بين اليمنيين هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع اليمني والتصدي للأزمة الإنسانية الحالية في البلد". ويحاول غريفيث أن يكون مرناً في تعامله مع كافة الأطراف السياسية منذ أن تسلم مهامه كمبعوث أممي إلى بلد مزقته الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف وجعلته بلداً منكوباً على نحو كارثي، ومُثخناً بجراح و مآسي لا تنتهي. غير أن الصعوبات الماثلة على الأرض في اليمن تشير إلى أن الوصول إلى حل سياسي عادل لكل الأطراف السياسية لإنهاء الحرب في اليمن، أمر غير متاح في ظل إصرار كل طرف على عدم تقديم تنازلات من شأنها أن تساهم في انجاح عملية المفاوضات، وتبدو عملية غريفيث في اليمن على أرض الواقع كمهمة مستحيلة.