
على مدار سنوات طويلة، تمكنت إيران من تزويد وكلائها في المنطقة، وعلى رأسهم مليشيا الحوثي في اليمن، بالدعم العسكري والأسلحة تحت طبقات متعددة من الغطاء السري. ورغم وجود شبهات وتكهنات، كانت الأدلة المادية شحيحة، ما منح إيران فرصة الإنكار المستمر لمشاركتها في أنشطة تهدد أمن المنطقة واستقرارها.
لكن المفاجأة التي صنعتها المقاومة الوطنية جاءت بضبط شحنة سلاح إيرانية تحتوي على كتيبات إرشادية باللغة الفارسية، وأسلحة من ترسانة الحرس الثوري الإيراني، لتشكل هذه الخطوة أولى الأدلة الملموسة التي تثبت تورط إيران بشكل مباشر. وبعد ذلك، جاءت اعترافات أعضاء خلية التهريب لتعزز هذه الأدلة، ما فضح الدور الإيراني وأدانها بشكل قاطع أمام المجتمع الدولي.
لقد قامت المقاومة الوطنية بواجبها، وتُواصِل أداءه، لكنها الآن تضع الكرة في ملعب المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات جادة لمواجهة هذا الخطر المتصاعد، لا سيما مع امتلاك العالم اليوم أدلة قطعية وبراهين موثقة على وجود تهديد حقيقي يديره الحرس الثوري.
هذا التهديد الذي تحول بتركيزه من مناطق أخرى، بعد هزائم متتالية في لبنان وسوريا، نحو اليمن التي باتت تمثل ساحة حيوية للتصعيد الإيراني واستهداف الملاحة ودول في المنطقة ضمن جهود إيران الإرهابية وطموحاته التوسعية.
وما يزيد من تعقيد المشهد، أن إيران نجحت في اختراق العديد من الدول في آسيا وأفريقيا عبر شبكات تهريب معقدة ظلت تعمل بسرية تامة؛ لكن الدور الذي قامت به استخبارات المقاومة الوطنية في كشف هذه الشبكات، وما تلاه من اعترافات علنية، يمثل تطورًا غير مسبوق يكشف زوايا متعددة من عمليات التهريب الإيرانية، ويطرح تحديات جديدة على الأمن الإقليمي والدولي.
يرى مراقبون أن العالم بأسره، وبالأخص الدول التي استخدمتها إيران كمنصات لعملياتها السرية، بات ملزَمًا بالتصدي- بجدية- لهذه الأنشطة، وتطبيق إجراءات رادعة تحجم من قدرة إيران على استغلال أراضيها؛ لأن استمرار هذه الأنشطة لا يهدد اليمن فحسب، بل يعرض الأمن الإقليمي والعالمي للخطر، ويزيد من معاناة الشعب اليمني الذي يدفع ثمن هذه السياسات بأغلى ما يملك.
وفي هذا السياق، يؤكد المراقبون أن الدعم الدولي للقوات اليمنية، وعلى رأسها المقاومة الوطنية، أصبح ضرورة ملحة لوقف تدفق الأسلحة الإيرانية إلى اليمن؛ إذ لا تمثل هذه الأسلحة تهديدًا لليمن وحده، إنما تؤثر بشكل مباشر على أمن الملاحة البحرية في واحدة من أهم المناطق الحيوية عالميًا، وهو ما يجب أن يدفع المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل ومسؤول.
المصدر : وكالة 2ديسمبر
