عادت سهام النعجة إلى منزلها في مخيم جنين للاجئين لتكتشف الأضرار التي لحقت به بعد أن أعلنت إسرائيل انتهاء عمليتها العسكرية الواسعة في شمال الضفة الغربية المحتلة وانسحاب قواتها.
تُعد مدينة جنين ومخيّم اللاجئين المجاور لها مسرحًا منتظمًا لمواجهات بين القوّات الإسرائيليّة والفلسطينيّين لكن العملية الإسرائيلية الأخيرة كانت الأعنف منذ سنوات.
تقول سهام (53 عاما) وهي تتفقد غرف منزلها الذي حُطمت نوافذه وبُعثر أثاثه وأنزلت الصور عن جدرانه "لا كهرباء، لا ماء، لا شيء ... الأكل فسد في الثلاجة".
وتشير وهي تبحث بين متعلقات منزلها الملقاة على الأرض إلى أنها كانت واحدة من بين آلاف سكان مخيم جنين الذين نزحوا عن منازلهم قبل يومين خلال الاشتباكات.
في مطبخ المنزل، غطيت الأرضية بالسكر وفي غرفة أخرى ألقي بلعبة بلاستيكية مكسورة على الأرض.
واتهمت سهام القوات الإسرائيلية بسرقة أموال وذهب من شقتها.
ولم يرد الجيش الإسرائيلي فورا على طلب وكالة فرانس برس التعليق على تلك المزاعم.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان سابق إن قواته "صادرت" كمية كبيرة من "أموال الإرهاب".
يعيش في المخيم نحو 18 ألف لاجئ فلسطيني هم من بين أحفاد 760 ألف فلسطيني فروا أو طردوا من منازلهم خلال حرب 1948 التي اندلعت إثر إعلان قيام دولة إسرائيل.
وأكدت إسرائيل أن عمليتها العسكرية في جنين استهدفت نشطاء فلسطينيين ومخازن أسلحتهم وبنيتهم التحتية.
ويؤمن الفلسطينيون بحقهم في الدفاع عن أنفسهم كونهم يعيشون تحت الاحتلال.
ارتفعت حصيلة قتلى الهجمات والمواجهات والعمليات العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل منذ مطلع كانون الثاني/يناير إلى ما لا يقلّ عن 190 فلسطينياً، و26 إسرائيلياً وأوكرانية وإيطالي.
وتشمل هذه الأرقام مقاتلين ومدنيين بينهم قصّر من الجانب الفلسطيني. أما في الجانب الإسرائيلي فغالبية القتلى مدنيون.
يعيش في الضفة الغربية من دون القدس الشرقية، نحو 2,9 مليون فلسطيني، بالإضافة إلى نصف مليون يهودي في مستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي.
وتحتلّ إسرائيل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية منذ العام 1967.
- أكوام الركام -
بدأت إسرائيل عمليتها العسكرية فجر الإثنين وشارك فيها مئات الجنود وتضمنت غارات جوية كما استخدمت خلالها جرافات مدرعة.
يشير مهدي جلايصة (18 عاما) بيده إلى كيس طعام عليه ملصقات باللغة العبرية ويقول إن جنود إسرائيليون تركوه.
ويضيف "دخل الجيش المخيم وأول ما قام به هو (شن) غارات جوية".
ويتابع وهو يمسك بسيجارة "دخلوا المنزل، احتجزونا في الطابق الأرضي بدون طعام ولا ماء".
ويشير إلى أن أنهم طلبوا من الجنود تزويدهم بالماء لكنهم رفضوا.
في شوارع المخيم التي غطتها أغلفة الرصاص الفارغ، يتفقد السكان الدمار الهائل الذي خلفه الهجوم الذي أسفر عن مقتل 12 فلسطينيا وجنديا إسرائيليا، ويتجولون بين أكوام من الركام وأسلاك الكهرباء المقطعة.
وبين المركبات العديدة المحطمة، حاول أحدهم إخراج بعض المتعلقات من صندوق مركبة شقيقه.
وفي شارع آخر قريب، تقوم سيدة بإزاحة الركام وتقول إن غارة جوية إسرائيلية استهدفت موقعا بجانب منزلها وبدت جدران المبنى المقابل سوداء متفحمة.
- حملات دعم -
بعد نزوح نحو ثلاثة آلاف من سكان المخيم عن منازلهم تتالت الدعوات للتبرع لهم ودعمهم.
وامتلأت باحات المستشفيات في المدينة بأكوام من حفاضات الأطفال والمواد الغذائية وغيرها من المساعدات.
وفي إحدى نقاط التوزيع داخل المخيم، يعمل خضر مصالحة على تنظيم العملية.
ويقول الشاب (35 عاما) إن العملية العسكرية الدامية سيكون لها تأثيرا طويل المدى ودائم، "فالدمار شامل من ناحية مادية ونفسية وخاصة على الأطفال وكبار السن".
ويضيف "ليومين كاملين ... حرموا من أي بسمة ترتسم على وجوههم" في إشارة إلى الأطفال الصغار والصدمة النفسية التي خلفتها معاناتهم خلال المواجهات.