أعلنت شركة الخطوط اليمنية الأحد تأجيل أول رحلة تجارية منذ ست سنوات من العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون، بسبب عدم الحصول على "تصاريح تشغيل" من التحالف العسكري الذي تقوده السعودية.
وكان مقرّرا أن يستقبل مطار العاصمة صباح الأحد أول طائرة تجارية له منذ عام 2016، مما زاد الآمال في أن تؤدي هدنة حالية في اليمن إلى سلام دائم في الدولة التي مزقتها الحرب.
وكان مفترضا أن تنقل الطائرة التي تشغلها الخطوط اليمنية ركابا فوق سن 40 عاما يحتاجون إلى علاج طبي من صنعاء إلى العاصمة الأردنية عمان، في إطار الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ في أوائل نيسان/ابريل لمدة شهرين.
لكن قبل ساعات من الرحلة، قالت شركات الطيران على صفحتها على فيسبوك إنها "تأسف لتأجيل وصول تصاريح تشغيل رحلتها من مطار صنعاء الدولي"، مضيفة انها لم تتلق "حتى اللحظة تصاريح التشغيل".
وأعربت الشركة عن "أسفها الشديد للأخوة المسافرين عن عدم السماح لها بتشغيل" الرحلة، آملة بأن "يتم تجاوز كل الإشكاليات في القريب العاجل والسماح للشركة بمعاودة انطلاق رحلاتها من صنعاء".
وقال أحد الركاب لوكالة فرانس برس إنه تلقى اتصالا من مسؤول في شركة طيران يطلب منه عدم الذهاب إلى المطار.
وأفاد مدير في الشركة لوكالة فرانس برس ان "الاذن المطلوب من التحالف لم يصل". ولم يصدر رد فعل فوري من التحالف العسكري الذي يدعم الحكومة في مواجهة الحوثيين ويسيطر على المجال الجوي اليمني منذ بداية عملياته في اليمن في 2015.
حملت الحكومة اليمنية، جماعة الحوثي، مسؤولية تعثر تشغيل أول رحلة تجارية من مطار صنعاء الدولي.
جاء ذلك في تصريح لوزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني، نشرته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، فجر الأحد.
وحمل الوزير "مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران المسؤولية الكاملة عن تعثر تشغيل أول رحلة تجارية بين مطار صنعاء الدولي والعاصمة الأردنية عمّان".
وأوضح أن "الرحلة التي كان مقرر انطلاقها اليوم الأحد تعثرت جراء عدم التزام مليشيا الحوثي الإرهابية بالاتفاق الذي ينص على اعتماد جوازات السفر الصادرة عن الحكومة الشرعية".
وأضاف: "مليشيا الحوثي الإرهابية تحاول فرض 60 راكبا على متن الرحلة بجوازات سفر غير موثوقة صادرة عنها، لاستغلال الرحلات خلال شهري الهدنة لتهريب العشرات من قياداتها وقيادات وخبراء الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني بأسماء وهمية ووثائق مزورة".
بدوره، قال رائد جبل، وكيل هيئة الطيران المدني والأرصاد الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إن "دول التحالف رفضت منح الخطوط الجوية اليمنية تصريح هبوط الرحلة التي كان من المقرر وصولها إلى مطار صنعاء الدولي اليوم الأحد".
وقال في تصريح نشرته وكالة الأنباء (سبأ) التابعة للحوثيين إن "دول التحالف تتنصل عن التزاماتها، معتبرا ذلك خرقاً للهدنة التي أعلنها المبعوث الأممي لدى اليمن".
والأربعاء، أعلنت الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي في بيانين منفصلين عن انطلاق أول رحلات تجارية من مطار صنعاء في 24 أبريل /نيسان الجاري.
وفي 1 أبريل/نيسان الجاري، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ عن موافقة أطراف الصراع على هدنة لمدة شهرين قابلة للتمديد، بدأت في اليوم التالي، مع ترحيب سابق من التحالف العربي الذي تقوده السعودية، والقوات الحكومية والحوثيين الموالين لإيران.
ومن أبرز بنود الهدنة، إعادة تشغيل الرحلات التجارية عبر مطار صنعاء، بواقع رحلتين أسبوعيا، إحداهما لمصر والأخرى للأردن.
والمطار مغلق أمام الرحلات المدنية من قبل التحالف العربي منذ 2016، بعد اتهام الحوثيين باستخدامه لأغراض عسكرية.
وتسبّبت الحرب في اليمن منذ 2014 بين المتمردين الحوثيين والحكومة بمصرع أكثر من 377 ألف شخص بشكل مباشر أو غير مباشر، وفق الأمم المتحدة، أي أنهم قضوا إما في القصف والقتال وإما نتيجة التداعيات غير المباشرة للحرب مثل الجوع والمرض ونقص مياه الشرب.
وبينما يشهد اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، يقف الملايين من سكانه على حافة المجاعة، فيما يحتاج آلاف وبينهم العديد من سكان المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين، إلى علاج طبي عاجل لا يتوفر في البلد الذي تعرّضت بنيته التحتية للتدمير.
ويسيطر المتمردون على العاصمة صنعاء ومناطق شاسعة في شمال وغرب اليمن بينها موانئ حيوية مطلة على البحر الاحمر.
وبعيد فرض إغلاق على المطار الدولي في 2016، قال التحالف الذي يدعم الحكومة ردا على سؤال عن منع الطائرات المدنية من استخدام المطار إنّ ذلك هدفه ضمان "سلامة" طائرات الخطوط الجوية اليمنية و"ضمان عدم قيام الطائرات بتهريب ادوات الحرب".
ويتّهم التحالف إيران وحزب الله اللبناني بتهريب أسلحة إلى المتمردين وإرسال عناصر إلى اليمن لتدريبهم على استخدام الطائرات والمسيّرة والصواريخ البالستية ضد الحكومة والسعودية وكذلك الإمارات العضو في التحالف.
وقالت منظمة "المجلس النرويجي للاجئين" العام الماضي ان إغلاق مطار صنعاء "تسبّب في خسائر اقتصادية تقدر بالمليارات (...) مما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني"، مضيفة "حُرم اليمنيون من حقهم في السفر إلى الخارج لطلب الرعاية الطبية، أو ممارسة الأعمال التجارية، أو العمل، أو الدراسة، أو زيارة الأسرة".
ويعتمد نحو 80 بالمئة من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة على المساعدات من أجل البقاء على قيد الحياة.