قالت وكالة الأنباء الكويتية إن حكومة الكويت قدمت يوم الثلاثاء استقالتها قبيل تصويت في مجلس الأمة (البرلمان) كان مقررا يوم الأربعاء على طلب تقدم به نواب "بعدم التعاون" مع الحكومة، وسط خلاف سياسي طويل أعاق الإصلاح المالي في البلاد.
وتسلم ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، الذي تولى معظم مهام أمير البلاد أواخر العام الماضي، استقالة الحكومة من رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد الصباح.
وواجه رئيس الوزراء الذي تولى منصبه في أواخر 2019، برلمانا شرسا منذ الانتخابات النيابية التي جرت في ديسمبر كانون الأول 2020، حيث أصر النواب على استجوابه بشأن قضايا يتعلق بعضها بفساد مزعوم.
ودار الاستجواب الأخير الذي قدمه ثلاثة نواب معارضين حول اتهامات لرئيس الحكومة أهمها أن ممارساته "غير دستورية"، بالإضافة إلى عدم التعاون مع المؤسسة التشريعية وتعطيل جلسات البرلمان وعدم اتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع الفساد.
وبنهاية الأسبوع الماضي أعلن غالبية أعضاء مجلس الأمة أنهم سيصوتون ضد رئيس الوزراء، ووصلوا إلى عدد كاف لإقرار حالة "عدم التعاون" بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو ما يعني دستوريا رفع الأمر لأمير البلاد ليقرر بنفسه إعفاء رئيس الوزراء وتعيين وزارة جديدة أو حل مجلس الأمة.
وأعلن رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم يوم الثلاثاء أن جلسة البرلمان التي كانت مقررة يوم الأربعاء قد أُلغيت بناء على اعتذار الحكومة عن الحضور وتقديم استقالتها.
وقال في تصريح بالبرلمان "الاستقالة تحت نظر القيادة السياسية وجميعنا واثقون بأنهم سيتخذون القرار المناسب الذي فيه مصلحة البلاد والعباد، وبناء عليه لن تكون هناك جلسة يوم غد".
ويتمتع البرلمان الكويتي بنفوذ أكبر مما يحظى به أي مجلس مماثل في دول الخليج العربية الأخرى، ويشمل ذلك سلطة إقرار القوانين ومنع صدورها، واستجواب رئيس الوزراء والوزراء، والاقتراع على حجب الثقة عن كبار مسؤولي الحكومة.
والحكومة التي استقالت يوم الثلاثاء والتي تشكلت في ديسمبر كانون الأول الماضي هي ثالث حكومة خلال عام 2021 بعد أن استقالت الحكومتان السابقتان خلال المواجهة الطويلة مع البرلمان.
وفي يناير كانون الثاني خفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني تصنيف الكويت إلى AA- من AA مع نظرة مستقبلية مستقرة، مشيرة إلى "القيود السياسية المستمرة" التي تقوض قدرة الدولة على معالجة مشكلات هيكلية.وقالت فيتش إن اعتماد الكويت الكبير على إنتاج النفط ونظام توفير دعم واسع للمواطنين وضخامة القطاع العام كلها قضايا هيكلية تحتاج إلى معالجة.
ومنذ بدء جائحة كوفيد-19، اتخذت الحكومة تدابير مختلفة لتخفيف حدة الأزمة المالية وزيادة التمويل بشكل مؤقت، لكن الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية وصلت إلى طريق مسدود.
ولم تتمكن الحكومة حتى الآن من تمرير قانون الدين العام الذي يسمح لها بالاقتراض من الأسواق الدولية وذلك منذ انتهاء القانون السابق في 2017، رغم أن ارتفاع أسعار النفط في الأسابيع الأخيرة خفف قدرا من الضغوط.
وتوقع المحلل السياسي الكويتي ناصر العبدلي ألا تنهي هذه الخطوة المأزق السياسي في البلاد لأن الأزمة "هي في النظام السياسي أكثر منها في الحكومة"، مشيرا إلى أن الحكومة ليس لها غطاء سياسي من قوى سياسية.
وتوقع قبول استقالة رئيس الحكومة وتعيين رئيس وزراء جديد.
ودعا أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الصباح العام الماضي لحوار بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لإنهاء حالة الاحتقان السياسي وإنهاء المأزق.
وأسفر الحوار عن العفو عن معارضين سياسيين واستقالة الحكومة في نوفمبر تشرين الثاني لإنهاء قرار برلماني سابق بتحصين رئيس الحكومة من الاستجوابات.
وقال العبدلي إن الحكومة لم تسع لاستثمار ما تم في الحوار الوطني والبناء عليه لتحقيق تعاون مع البرلمان، الأمر الذي أثار غالبية أعضاء مجلس الأمة عليها.
وتطالب قوى المعارضة ليس فقط برحيل رئيس الوزراء وإنما بحل البرلمان والدعوة لانتخابات جديدة تسمح بتغيير رئيس مجلس الأمة الذي تُلقي عليه اللائمة في كثير من الأزمات، وهو ما ينفيه الغانم الذي يؤكد أنه يحظى بثقة شعبية وثقة غالبية نواب البرلمان.
وقال المحلل السياسي محمد الدوسري إن استقالة الحكومة يوم الثلاثاء ستُحدث انفراجة مؤقتة حتى يتم حسم الأمر داخل السلطة باتجاه استمرار التحالف الحالي مع شخصيات قريبة من غرفة التجارة أو تغيير هذا التوجه.