حضّ الرئيس الصيني شي جيبينغ قادة روسيا وإيران ودول منضوية في منظمة شنغهاي للتعاون على توثيق عرى علاقاتهم، فيما شكر فلاديمير بوتين بلدان هذا التكتل على دعمها موسكو خلال تمرد مجموعة فاغنر.
وأقرت المنظمة خلال قمة افتراضية بضيافة الهند التي تتولى رئاستها الدورية، انضمام إيران رسميا كعضو كامل، ما يرفع عدد أعضائها الى تسعة.
ودعا شي دول المنظمة الى "بذل جهود لحفظ السلام الإقليمي وضمان الأمن المشترك"، و"انتهاج الطريق الصحيح وتعزيز تضامنهم وثقتهم المشتركة".
وشدد على أن "تحقيق السلام الإقليمي والاستقرار على المدى الطويل هو مسؤولياتنا المشتركة".
وتخللت القمة كلمة لبوتين هي الأولى له أمام لقاء خارجي منذ التمرد المسلح لمجموعة فاغنر على القيادة العسكرية الروسية في حزيران/يونيو.
وشكر بوتين لقادة المنظمة "دعمهم" له في مواجهة التمرد الذي استمر لنحو 24 ساعة، ويعد من أخطر الأزمات الداخلية التي واجهتها روسيا في عهده.
وقال "أتوجه بالشكر الى زملائي في دول منظمة شنغهاي للتعاون الذين أبدوا دعمهم لخطوات القيادة الروسية لحماية النظام الدستوري وحياة المواطنين وأمنهم".
قاد بريغوجين عناصره أواخر الشهر الماضي في تمرّد مسلح ضد القيادة العسكرية، اذ قاموا بالسيطرة على مقار عسكرية في جنوب البلاد قبل التوجه نحو موسكو. وانتهى التمرد بعد أقل من 24 ساعة إثر وساطة من بيلاروس أدت الى وقف التقدم نحو موسكو لقاء خروج بريغوجين ووقف ملاحقة عناصره.
وشهدت العلاقات بين بكين وموسكو تقاربا في أعقاب اندلاع حرب أوكرانيا.
زار الرئيس الصيني شي جينبينغ موسكو في آذار/مارس، مقدّماً دعمًا رمزيًا لبوتين في مواجهة الدول الغربية.
واتخذت الصين رسميا موقفا محايدا لكنها امتنعت عن إدانة التدخل العسكري الروسي خلافا لغالبية القوى العظمى، ما قوبل بانتقاد من دول الغرب التي دعمت أوكرانيا بالأسلحة، وفرضت على موسكو عقوبات اقتصادية دفعت الأخيرة الى تعزيز علاقاتها مع دول آسيوية.
وأكد بوتين أن "روسيا تقاوم بثبات وستواصل المقاومة في مواجهة الضغوط الخارجية، العقوبات والاستفزازات".
- الصين تعارض "الحمائية" -
وتعهد شي جينبينغ مواصلة الصين "المضي في الطريق الصحيح للعولمة الاقتصادية، ومعارضة الحمائية والعقوبات الأحادية وتوسيع مفاهيم الأمن القومي"، في ما يبدو إشارة ضمنية الى إجراءات تقييدية اتخذتها واشنطن حيال بكين في مجالات تجارية أبرزها التقنيات الحديثة.
ومنظمة شنغهاي للتعاون التي أنشئت في 2001، تتخذ من بكين مقرا رسميا. وقمتها الحالية المنعقدة عبر تقنية الفيديو، هي بضيافة الهند التي تتولى راهنا الرئاسة الدورية للمنظمة.
وأقرت القمة عضوية إيران الكاملة رسميا، لتنضم الى روسيا والصين وكازاخستان وطاجيكستان وقرغيزستان واوزبكستان والهند وباكستان.
وكانت الجمهورية الإسلامية عضوا مراقبا في المنظمة منذ 2005، وفشلت آخر محاولة لانضمامها إليها في 2020 نتيجة رفض طاجيكستان حينها. لكن الدول الأعضاء عادت ووافقت في أيلول/سبتمبر 2021 على التحاق طهران.
وأتى الانضمام الكامل في وقت تجري الجمهورية الإسلامية تحركات دبلوماسية في مختلف الاتجاهات للتخفيف من التوترات والقيود الغربية عليها.
وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمام القمة إن العضوية الكاملة لبلاده "ستعزز الأمن الجماعي... توسيع العلاقات والتواصل وتعزيز الوحدة".
وشهدت القمة إطلاق مسار انضمام بيلاروس حليفة روسيا الى المنظمة.
ويثير انضمام إيران الى المنظمة مخاوف غربية من تشكّل حلف يضم "الصين وروسيا وباكستان والجمهورية الإسلامية، أي تكتل من دول معادية للغرب في توجهها"، وفق ما قال الأستاذ في جامعة كينغز كولدج هارش في. بانت.
وأضاف لوكالة فرانس برس "اذا تشكّل محور كهذا، سيكون بمعزل عن منظمة شنغهاي للتعاون لأن دول آسيا الوسطى مثل الهند لا تنظر الى منظمة شنغهاي للتعاون على أنها مناهضة للغرب".
وشدد الرئيس الصيني على دور دول المنظمة بمواجهة "الثورات الملونة" واحتمال اندلاع "حرب باردة جديدة".
وقال شي جينبينغ "علينا أن نكون يقظين للغاية حيال إثارة القوى الخارجية حربا باردة جديدة وخلق مواجهة في المنطقة، وأن نعارض بحزم تدخل أي دولة في الشؤون الداخلية (للدول الأخرى) وإثارة ثورة ملونة لأي سبب كان"، وفق الإعلام الرسمي الصيني.
- قلق حيال أفغانستان -
وعكس قادة مخاوفهم من الوضع الأمني في أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي وعودة حركة طالبان المتطرفة الى الحكم.
ودعا رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف الى إعادة تقييم "طارئة" للانخراط الدولي مع سلطات كابول.
في المقابل، حذّر نظيره الهندي ناريندرا مودي من أن أفغانستان قد تصبح قاعدة "لنشر عدم الاستقرار".
على صعيد آخر، وجّه مودي انتقادات مبطنة الى باكستان، الخصم التاريخي لبلاده. وقال "تلجأ بعض الدول الى الإرهاب العابر للحدود كأداة في سياساتها، (تمنح) ملجأ للإرهابيين".
وتسعى الهند الى موازنة دقيقة على الجبهة الدبلوماسية، اذ تنفرد بالعضوية في منظمة شنغهاي للتعاون التي تعدّ الصين أبرز أركانها، وفي الوقت نفسه مجموعة "كواد" التي تضم الولايات المتحدة واليابان وأستراليا، وتهدف بشكل رئيسي لمواجهة نفوذ بكين.
وزار مودي واشنطن الشهر الماضي حيث حظي باستقبال حافل من قبل الرئيس الأميركي جو بايدن.
في المقابل، ترتبط الهند مع روسيا بعلاقات وثيقة خصوصا في المجال العسكري والتسليح، وهي امتنعت عن إدانة غزو لأوكرانيا. لكن مودي يكرّر استعداد بلاده للقيام بما في وسعها لإحلال السلام ووضع حدّ للنزاع.